كلمة العدد

 

هل جنت أمريكا من زرع الشوك في العراق العنب ؟!

 

 

 

     يومَ 31/3/2005م (الخميس : 20/ صفر 1426هـ) تم تقديم تقرير رسميّ هامّ إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ، اعترفت من خلاله اللجنة الرئاسيّة المخصّصة للتحقيق في تقارير الاستخبارات الأمريكية بشأن أسلحة الدمار الشامل المزعومة في العراق .. اعترفت بالخطأ التامّ في التقديرات والمعلومات التي اصطنعتها الاستخبارات في شأن تلك الأسلحة ؛ فقد نصّ على أنه «أجهزة الاستخبارات الأمريكية ارتكبت أخطاءً قاتلة في معظم معلوماتها وتقديراتها ، وأن واشنطن لم تكن تعرف إلاّ القليل من المعلومات المضطربة بهذا الخصوص ، وأن أجهزة الاستخبارات مُنِيَتْ بفشل صريح في هذا الشأن ، وأنها اعتمدت على معلومات مضللة قديمة ، مؤكّدًا على وجوب إحداث إصلاحات واسعة في الأجهزة الاستخباراتية، لتمكينها من القيام بواجبَاتها خصوصًا ما تمتلكه الولايات المتحدة الآن من معلومات حول برامج ونيات دول معادية» .

     ويوم 7/ أبريل 2005م (الخميس : 27/ صفر 1426هـ) شهدت جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب الأمريكي ، حول ماضي العراق وحاضره ومستقبله ، معركة كلامية حادة بين شاهدي اللجنة : الجنرال المتقاعد «ويزلي كلارك» و «ريتشارد بيرل» المساعد السابق لوزير الدفاع الأمريكي وأحد «المحافظين الجدد» الذين باشروا «هندسة» الحرب على العراق ، وشارك في المعركة نوّاب جمهوريون وديموقراطيون كانوا من مؤيدي الحرب ؛ لكنهم أعلنوا غضبهم الشديد على ما يدور في العراق . وانتقد النائب الجمهوري «والترجونز» من كارولينا الشمالية «بيرل» بشدة وطالب المسؤولين عن إدارة الحرب على العراق ، بالاعتذار عن المعلومات الخاطئة التي استندوا إليها في شن الحرب ، والتي قدّموها إلى «الكونجرس الأمريكي» لخلق مسوغات للحرب . وأضاف «والترجونز» غاضبًا : لقد وُقِّعَتْ أكثر من 900 خطاب تعزية لأهالي القتلى من الجنود الأمريكيين بالعراق . وردّ عليه «بيرل» معترضًا ، ولكنه رفض الاعتذار عن تصريحاته التي أولى بها أمام اللجنة نفسها قبل عامين ونصف العام ، وبحضور «ويزلي كلارك» أيضًا ، وأنكر عودة أية مسؤولية إليه عما قاله آنذاك حول أسلحة الدمار الشامل بالعراق ، متّهمًا وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي . آي. إيه) بعدم الكفاءة ، كما حمّل المسؤولية «عملاء عراقيين مزدوجين» بأنهم السبب في الحرب .

     وقد سبق أن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة «كوفي عنان» اعترف في أكثر من تصريحاته أن غزو أمريكا للعراق عمل لا يتفق القانونَ الدولي . كما صارح مؤخرًا أن الحرب التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق سبّبت العديدَ من المشكلات للمنظمة الدولية .

     لم يعد جدال بعد عامين من احتلال العراق من قبل أمريكا ، في أنّ الغزو الأمريكي للعراق كانت غير شرعية ، وكانت عدوانية بكل معنى من معاني العدوان . حتى المستفيدون من نتائج هذا الحرب العدوانية من غير الصليبيين والصهاينة، الذين كانوا يرونها حرب تحرير للعراق من هيمنة النظام الدكتاتوري الصارم الذي كانوا قد كرهوه أشدّ الكراهية ، وكانوا يتمنون الخلاص منه بشكل أو بآخر ، إنهم إيضًا عادوا اليوم يرون أمريكا عدوانية وأن حربها على العراق ومن قبل على أفغانستان كانت لامشروعة ، وأن مزاعمها بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية ، كانت أكبر أكذوبة في العصر الحديث ، وكذلك دعواها بأن النظام العراقي الدكتاتوري – المخلوع – كان ذا علاقة بالقاعدة وتواصل وتضامن مع الإرهاب العالمي ، إنما كان فرية لامثيل لها . إن الساخطين من العراقيين ولاسيما الشيعة والأكراد على النظام البعثي الصدامي في العراق عادوا يرون اليوم بعدما شهدوا قتل ما يزيد عن مائة ألف مدني عراقي ، وسلسلة مجازر وحشية بشعة في كل من «الفلوجة» و «النجف» و«سامراء» و«الموصل» و«تكريت» وغيرها من المدن العراقية ذات الشأن التأريخي والمكان الأثري ، ومسلسل الاغتيال الذي طال ولايزال يطال شرائح مختلفة من العراقيين من مفكرين وعلماء ومثقفين وجامعيين ودعاة وخطباء تحت رعاية الاحتلال الأمريكي الصليبي المُمَدّ بالتضامن الصهيوني . إلى جانب حوادث بشعة متصلة من الاغتصاب الجماعي للفتيات ، واتخاذ رهائن للشباب ، وأنواع الظلم التي تقشعر الجلود من مجرد ذكرها والإشارة إليها ولا تزال فظائع سجن «أبي غريب» حاضرة في أذهان العالم .

     إنّ هذا التقرير الرسمي الأمريكي وهذه المعركة الكلامية الحادّة بين المسؤولين الأمريكان رفيعي المستوى يشكلاّن دليلاً دامغًا جديدًا إلى جانب الدلائل الكثيرة غير القابلة للحصر ، التي سبق أن قدّمها الجهات العالمية على أنّ واشنطن كانت خاطئة كل الخطأ في غزو العراق ، وما أدّى إليه هذا الغزو من تدمير بنية هذا البلد العربي المسلم ذي التأريخ الزاهر الزاهي والماضي المجيد العريق الذي يفتخر به المسلمون في العالم كله وليس العراقيون وحدهم ، وما لحق ذلك من الاستيلاء الأمريكي الصليبي الصهيوني على ثروات هذا البلد ، ووضعه تحت خط الفقر .

     كما أنّ اللجنة الأمريكية المعنية الرسمية أكدت مؤخرًا – كما أفاد بذلك إذاعة البي بي سي لندن في الليلة المتخللة بين الثلاثاء والأربعاء: 26-27/ أبريل 2005م (16-17/ ربيع الأول 1426هـ) – أن المعلومات الأمريكية الاستخباراتية بشأن تهريب العراق لأسلحة الدمار الشامل إلى سوريا ، حفاظًا عليها من الضياع ، كانت خاطئة أيضًا ، وأن العراق لم يهرب شيئًا إلى سوريا ، وأن سوريا بريئة من كل تهمة وُجِّهت إليها بهذا الشأن.

     إذا ثبت خطأ أمريكا في غزو العراق ، باعترافها هي ، فمن الذي سيحاسبها على هذا الخطأ الضخم ؛ ومن الذي سيطلب الإدارة الأمريكية العوض عما لحق ولا يزال يلحق بالعراق من أضرار ودمار في الأرواح والممتلكات، ومن الذي سيرغم الولايات المتحدة على سحب قواتها من هذا البلد الذي دمّرته دونما ذنب أتته ، حتى يتمكن شعبُه من التصرف حسبما يشاء ، متمتعًا بالحرية والأمان اللذين كان يتمتع بهما على عهد النظام الذي خلعته أمريكا والذي كان يظنّ كثير منه أنه نظام لايوجد نظيره على الأرض في الدكتاتورية والظلم والبطش ، فعاد يشاهد أن عهد الاحتلال الأمريكي أسوأ عهد لم يمن بمثله العراق في تاريخه الطويل ذي التقلبات السياسيّة والهزّات القياديّة وعواصف الانتصار والانكسار .

     يبدو من دراسة موقف الإدارة الأمريكية أنها أشدّ صمًّا وبكمًا من جميع الإدارات في العالم المعاصر ، فإنّها لم تتخذ أية إجراءات رادعة ضد المسؤولين الذين اصطنعوا المعلومات الخاطئة المضللة التي تسببّت في تدمير بلد ذي تاريخ وحضارة وفي إهدار مليارات من الدولارات من الخزينة الرسمية والميزانية الحكومية في هذه الحرب الظالمة العدوانية، وفي إصابة وقتل عدد كبير من الجنود ، إلى جانب إصابة أعداد كبيرة أخرى من الجنود بأمراض نفسيّة لاتُعَالَجُ ، وفي إساءة سمعة أمريكا عبر العالم، بشكل لايمكن إحسانها عبر سنوات طويلة ، مهما بذلت من المال ، ورصدت من الميزانية ، وأعملت من الحيلة، وأنفقت من الجهد ، واستخدمت من المؤامرة التي برعت فيها؛ حيث إن «الحرب على الإرهاب» حوّلت أمريكا دولة عدوانية في نظر العالم كله ، لاتعرف العدل ، ولا الأعراف الدولية، ولا القوانين العالمية ، ولا الآداب البشرية ، ولا المعاني الإنسانية ، وإنما تعرف كلَّ المعرفة التعامل بلغة القوة والتقدم التكنولوجي والعلمي والأسلحة المتطورة .

     لوكان الرئيس الأمريكي بوش يتمتع بذرة من الحياء وبمسة من الإنسانية ، لندم على فعلته الشنعاء ، ولاعتذر عن أخطائه المعادلة لهملايا إلى المجتمع العالمي، ولا انتهى عن الاستمرار في استخدام الأسلوب الذي ظلّ يتّبعه في مهاجمة الدول ، وغزو الأمم ، والتكلم بلغة القوة ، والغطرسة والعنجهية ؛ بل لاختفى في عزلة تامّة وزاوية مطمئنة ، ولما اجترأ على أن يواجه الناس ويغشى أي مجلس بشريّ ، فضلاً عن أن يقول: إنّه جنّب أمريكا الأخطار ، وأمّن لها الاستقرار، وحصّن العالم من هجوم القاعدة، ومخاطر العمليات الإرهابية. على حين أنه كثّر هذه المخاطر ، وجعل العالم عرضة لكل نوع من المحاذير ، بتصرفاته الخرقاء ، وتعاملاته العسكرية الغاشمة .

     وحينما افتضحت أكذوبة أسلحة الدمار الشامل العراقية وفرية علاقة النظام العراقي بالقاعدة وغيرها ، جعلت الإدارة الأمريكية البوشية مملوك شعار «دَمْقَرطَة» العراق وبالتالي دمقرطة المنطقة كلها من خلال «النموذج العراقي» وشعار «تحرير العراق». لم يكن بوش وزمرته ترفع هذا الشعار قبل الحرب على العراق، وقبل أن تفتضح فيما يتعلق بمزاعم أسلحة الدمار الشامل العراقية ، التي ظلّت تكرر على مسمع من العالم أنها تشكّل خطرًا حاسمًا على الأمن الأمريكي بصورة مباشرة وعلى أمن العالم كله بصورة غير مباشرة .

     فها هوذا بوش يصارح في كل محفل دولي ومجلس محليّ ومناسبة داخلية وخارجية أن النموذج العراقي في الديموقراطية نعمة يجب أن تعمّ المنطقة كلها دونما تأخير . كرربوش هذه المقالة الملهية أخيرًا يوم الثلاثاء 12/ أبريل 2005م (4/ربيع الأول 1426هـ) في خطابه أمام جنود أمريكيين في قاعدة «فورت هود» العسكرية بالولايات المتحدة : إن نجاح الديموقراطية في العراق يوجّه رسالة من «بيروت» إلى «طهران» تؤكد أن الحريّة يمكن أن تكون مستقبل كل أمة ؛ وإن سقوط نظام صدام حسين في العراق يعادل سقوط جدار برلين ، مؤكدًا أن نجاح الديموقراطية في هذا البلد يمكن أن يؤدّي إلى «ثورة ديموقراطية شاملة» ؛ وإن إقامة عراق حرّ في قلب الشرق الأوسط سيشكّل هزيمة ساحقة لقوى الطغيان والإرهاب ، وحدثـًا محوريًّا في الثورة الديموقراطية الشاملة .

     ومستخدمًا أسلوب التدليس والتمويه والدهاء والزور قال بوش يخاطب جنوده ، ويخفف آلامها التي تعقم حقًّا ظهورها في العراق الصامد في وجه الاحتلال الأمريكي بكل ما يسعه من النداء بالأرواح والراحة وبكل لذة من لذات الحياة :

     إن الشعب العراقي يدرك حجم التضحيات التي تقدمونها وممتنّ لكم ولعائلاتكم ؛ إنكم تجعلون السلام ممكنًا في العراق وتجعلون أمن الشعوب الحرة ممكنًا ؛ إنكم تقومون بعمل نبيل ، إنه عمل مهم !!.

     وقال في كذب صريح : منذ البداية كان هدفنا في العراق تحريره وتعزيز استقلاله . إن بوش أصبح مضطرًّا اليوم أن يعلن دونما تعب أن هدفه كان تحرير العراق ونشر الديموقراطية فيه وفي المنطقة ، بينما كان يقول مرارًا وتكرارًا قبل شن الحرب وخلالها : إن الهدف هو تجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل .

     والحقُّ أن تغير أنظمة الحكم التي لاترضى عنها أمريكا الصليبية المتصهينة ، والتي تراها تحول بشكل أو بآخر وبنحو عاجل أو آجل دون تحقق المصالح الصليبية الصهيونية ، كان ضمن مخططاتها من وقت بعيد ، ولم يكن مرتبطًا بتفجيرات 11/ سبتمبر 2001م ، وإنما اصطنعها اللوبي الصهيوني المتحكم في شؤون أمريكا ، لاستعجال تنفيذ هذه المخططات وتحقيق الأهداف المنشودة بشكل عاجل .

     إن التحريش الأمريكي بين العراق وإيران ، وبين العراق والكويت ، والإيهام الأمريكي بأن النظام العراقي على وشك الهجوم على السعودية، إنما كان ذلك وغيره لاستنزاف القدرات العسكرية والطاقة البشرية والثروات الطبيعية لدى هذه الدول ، التي تؤمن أمريكا بأن المصالح الأمريكية الصهيونية لن تتحقق ولن يُؤَمَّن تحققها إلاّ إذا ضعفت هاتي الدول وغيرها في المنطقة ، وعادت غير مستقرة ، تعاني بشكل مستمر التوتر والتصارع ، إلى جانب العدم الاقتصادي ، والفقر في الوسائل والإمكانيات . وبذلك وحده تتقوى إسرائيل ، وتصبح قادرة على ابتلاع الدول العربية، وتأديب الدول المسلمة ، وآمنة من قبلها ، وبذلك وحده أيضًا يسهل الاستيلاء على منابع الثروة التي تفيض بها أراضي هذه الدول العربية التي أودعها الله تعالى ثروات يسيل لها لعاب العالم كله ولاسيّما لعاب الدول الاستعمارية الكبرى وعلى رأسها أمريكا المتفردة اليوم بالقوة العسكرية والقدرة التكنولوجية والمعطيات العلمية الباهرة .

     إن صور تعذيب العراقيين بيد الاحتلال الأمريكي ومباركة العملاء الصهاينة وتضامن الاستخبارات الإسرائيلية – وهي غيض بالتأكيد من فيض – التي تنشرها كل يوم وسائل الإعلام العالمية بما فيها التلفاز والصحف والإنترنت ، تجعل المسلم الغيور في كل مكان يستشيط غضبًا، ويفور غيرة ، ويبكي دمًا ؛ ولكنه يكظم غيظه لاعافيًا عن أمريكاً وغافرًا لها ذنبها وصافحًا لها عن ظلمها واضطهادها ، ولكن لأنه لايملك حولاً ولاطولاً ، ولايقدر على إعمال حيلة تجاه إنقاذ إخوانه المسلمين العرب في هذا البلد ذي التأريخ الذهبي ، معاهدًا أنه لن يدع هذه الدولة الفاجرة دون أن ينتقم منها يوم يقدر على ذلك عاجلاً أو آجلاً .

     إن أمريكا والقوى المؤيدة لها في تصرفاتها الشنيعة وفعلاتها الفظيعة لاتحسن الصنيع مع نفسها عندما تجعل العالم الإسلامي كل يبطن لها العداء والكراهية الشديدة والحقد الحاقد ، إنها لاتحسن إليها وإلى أجيالها عندما تزرع في قلوب المسلمين غاية التقزز والبغض .

     من الذي دعا أمريكا المؤيدة بالروح الصليبية والصهيونية معًا ليغيّر أنظمة الحكم في ديارنا ؟ وليزرع الديموقراطية الأمريكية الغربية في بلادنا ، وليحررنا من الحكومات التي توجد في مناطقنا ؟ هل دعاها لذلك الكويت ؟ أو دعاها لذلك المملكة العربية السعودية ؟ أو دعاها لذلك العراق، أو إيران ، أو سوريا ، أو لبنان ، أو مصر ، أو السودان ، أو باكستان التي افتضح غرام رئيسها الحالي «مشرف» بها في قارعة الطريقة ؟ . إن التأريخ يشهد أن أيًّا منها لم يدعها لذلك ، ولن يدعوها . فكيف جاز لها أن تقتحم حرمنا ، وتنزل بساحتنا ، وتجوس خلال ديارنا؟ رغم أن الأمم المتحدة هي الأخرى لم تسمح لها أن تغير بنفسها أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية والعربية بل إنها منعتها عن ذلك بكل ما تعرفه من أسلوب ، وتعلمه من حيلة ؟ .

     إنّ القوة والغطرسة النابعة منها هما اللتان دعتاها إلى شن الهجوم على كل دولة إسلامية أو عربيّة . أفلا تعلم هي – وهي تدّعي أنها مسيحية تؤمن بالله وبقدرته على كل شيء – أنّ الله يقلب الليل والنهار ، وأنه يداول الأيام بين الناس ، وأنه يقوي الضعيف ، ويضعف القوي ، ويغني الفقير ، ويفقر الغني ، ويفعل ما يشاء ، إنه فعّال لما يريد .

     وإذا كانت أمريكا لاتعلم شيئًا من ذلك ، فلتعلم رغمًا منها أن الله لكي يسلب القويَّ قوّتَه لايحتاج إلى أن تعلم ذلك أمريكا ، وتؤمن به ، وتتصرف حسب الإيمان به . إنّه تعالى قادر على كل شيء ، آمن الناس أو كفروا، صلحوا أو فسدوا.

     أودّ أن أعود لأقول : إن منظر تكبيل العراقيين، وتعذيبهم وتذليلهم ، يغضب المسلم في كل مكان إذا كان مسلمًا في الواقع ولم يكن مسلمًا فقط بالاسم ، وهو يضمر هذا الغضب في قرارة نفسه ، كما يضمر كل ألم أصيب به الأفغانيون المؤمنون عبر أمكنة التعذيب في أفغانستان و «غوانتانامو» وعبر ملاحقاتهم في أفغانستان وباكستان. وهذا الغضب لن يثمر الخير لأمريكا ، وإنما يثمر الشرّ الذي ستجنيه عاجلاً أو آجلاً . إن أمريكا لن تجني من الشوك العنب ، كما لم تجن الأجيال البشرية الماضية والحاضرة لحدّ اليوم . لأحسن لها أن تعود إلى تبني العدل حتى تأمن على نفسها وعلى مصالحها، لأن من عدل أَمِنَ .

(تحريرًا في الساعة 12من ضحى يوم الأربعاء 17/3/ 1426هـ = 27 بسيارة مفخمِّلاً في الاغتيال 12/4/2005م)

نور عالم خليل الأميني

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادي الأولي 1426هـ = يونيو – يوليو 2005م ، العـدد : 5 ، السنـة : 29.